الجمعة 25 أبريل 2025 6:15:09
تشير روايات السيرة النبوية إلي أن خديجة بنت خويلد رضي الله عنها كانت امرأة حازمة وذكية. وكانت كذلك غنية. ولها تجارات متعددة. وكان رجال قومها يحرصون علي الزواج منها. ولم تكن تعمل في التجارة بنفسها. وإنما كانت تستأجر رجالا يعملون لها في مالها.. ووصل إلي خديجة رضي الله عنها خبر الصادق الأمين صلي الله عليه وسلم وسمعت من أخبار صدقه وأمانته الكثير فرغبت في أن تستأجره ليعمل لها في تجارتها. فأرسلت له من يعرض عليه الأمر. فوافق النبي صلي الله عليه وسلم علي ذلك.
وخرج النبي صلي الله عليه وسلم متاجرا بمال خديجة رضي الله عنها وكان معه غلام لخديجة يدعي: ميسرة. وقد رأي ميسرة من الآيات التي حصلت للنبي صلي الله عليه وسلم في رحلته ما بهره. وجعله يخبر سيدته خديجة بكل ما رآه.. فمن ذلك أن الرسول صلي الله عليه وسلم عندما قدم مدينة بصري بالشام نزل في ظل شجرة. فقال أحد الرهبان لميسرة: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي. وكان ميسرة يري ملكين يظلان النبي صلي الله عليه وسلم إذا اشتدت حرارة الشمس.
ورجع النبي صلي الله عليه وسلم من رحلته تلك. وقد ربحت تجارة خديجة أضعاف ما كانت تربح من قبل. فأعجبت خديجة رضي الله عنها بشخص النبي صلي الله عليه وسلم ورغبت في الزواج منه. فأرسلت صديقتها نفيسة بنت منية تعرض علي النبي صلي الله عليه وسلم الأمر. فوافق صلي الله عليه وسلم علي ذلك. وتولي أمر زواج خديجة رضي الله عنها أبوها خويلد. في أصح الروايات كما ذكر أصحاب السير .
وتعد السيدة خديجة أول من آمن بالنبي صلي الله عليه وسلم. وشاركته شطرين من الحياة. شطر الراحة والاستقرار. وشطر الدعوة والكفاح والجهاد. وعاشت معه 25 عامًا. حبيبة ووزيرة وحامية. ما أغضبها ولا أغضبته. أنجبت له أبناءه وراعتهم خير رعاية وهم القاسم وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة وعبدالله. كما عاشت السنوات الصعبة في الدعوة المحمدية. وقفت حامية له بمالها من النفوذ. وعانت ابنة الأكرمين في نهاية حياتها عندما كُتبت وثيقة الحصار الظالمة. وسيق المسلمون إلي الشِعِب. وقاطعتهم قريش وجوّعتهم. كانت خديجة مع رسول الله راضية محتسبة. تركت منزلها وخرجت حبيسة مع رسول الله بين جبلين. تُعاني كل ذلك علي مدار سنوات الحصار الثلاث من شهر المحرم للعام السابع للبعثة. وحتي المحرم للعام العاشر للبعثة.
وفي العاشر من شهر رمضان وقبل ثلاث سنوات من هجرة الرسول الكريم إلي يثرب. رحلت أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد. ودفنت بالحجون في مكة وحزن عليها رسول الله صلي الله عليه وسلم. حزنًا شديدًا. وعندما رحلت. لم يرث الرسول منها شيئًا. أنفقت كل مالها في سبيل الدعوة. تركت له الأحزان التي استعان عليها بتقوي الله. لكنها رحلت تحمل بشارة من الله بدخولها الجنة. ففي الحديث أنه "أتي جبريل النبي. صلي الله عليه وسلم. فقال يا رسول الله: هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام وطعام. فإذا أتتك فاقرأ عليها السلام من ربِّها ومنِّي. وبشرها ببيت في الجنة من قصب. لا صخب فيه ولا نصب".
دفنت السيدة خديجة بنت خويلد بالحجون. ونزل رسول الله صلي الله عليه وسلم. في حفرتها ولم تكن صلاة الجنازة قد كتبت يومئذ.
كما ورد عن ابن أخيها. حكيم بن حزام الذي قال إنهم خرجوا بها من منزلها. ودفنوها في مقبرة المعلاة بالحجون. ولم تكن صلاة الجنازة قد كتبت يومئذ. وأن الرسول صلي الله عليه وسلم نزل معها في "حفرتها" دفنها بيديه.
ولم يتزوج النبي صلي الله عليه وسلم في حياة خديجة حتي ماتت كرامة منه لها. لأنها أول من آمنت به وصدقه وثبتت جأشه وواسته بمالها. ورزق منها بالبنين فكانت له نعم القرين.