Loading...
رئيس مجلس الإدارة
د.حاتم صادق

المصرى اون لاينبوابة خبرية متخصصة

رئيس التحرير
قدري الحجار

الخرائط الرقمية.. سلاح العصر في ترسيم الحدود وحفظ حقوق الدول

الخميس 24 أبريل 2025   9:01:27

تلعب الخرائط دورًا أساسيًا في توثيق الحدود بين الدول، حيث تمثل وثائق قانونية تحدد السيادة الوطنية وتفصل بين الأراضي وفقًا للاتفاقيات الدولية، فبالإضافة إلى أهميتها الجغرافية، تعد الخرائط أداة دبلوماسية تُستخدم لحل النزاعات الحدودية وإثبات الحقوق التاريخية للدول، كما كان الحال في قضية طابا، التي استعادت فيها مصر حقها بناءً على أدلة موثقة في الخرائط والوثائق التاريخية.


في النزاع حول طابا، كانت الخرائط القديمة، إلى جانب الوثائق البريطانية والاتفاقيات الدولية، عاملاً حاسمًا في إثبات تبعية المنطقة لمصر، وقد اعتمدت هيئة التحكيم الدولية على الخرائط المصرية التي أكدت أن طابا كانت دائمًا جزءًا من الأراضي المصرية، مما أدى إلى صدور الحكم بإعادتها إلى السيادة المصرية عام 1988.

ومع تطور التكنولوجيا، أصبح التوثيق الرقمي للخرائط أداة أكثر دقة وموثوقية، حيث يتيح تحديث البيانات الجغرافية وحفظها بأمان، مما يسهم في دعم الحقوق التاريخية للدول وتعزيز الاستقرار الحدودي، يوفر التوثيق الرقمي للخرائط مزايا عديدة، من بينها تحديث البيانات بشكل مستمر، وضمان عدم التلاعب بالمعلومات الجغرافية، فضلاً عن تحسين الوصول إليها عبر الأنظمة الجغرافية الحديثة (GIS) كما يسهم في دعم القرارات السياسية والاستراتيجية، خاصة في القضايا الحدودية والتخطيط العمراني وإدارة الموارد الطبيعية.

أهمية استراتيجية
عن الخرائط الرقمية تقول الدكتورة هالة محمد سعيد؛ الأستاذ بقسم الجغرافيا بكلية الآداب جامعة القاهرة، إن الخرائط الرقمية هي عملية نقوم من خلالها بجمع المعلومات أو البيانات، وتنسيقها في صورة افتراضية بهدف إنتاج خرائط دقيقة لمنطقة ما من خلال إعطاء تفاصيل عن تلك المنطقة من طرق رئيسية وفرعية ومناطق مهمة. 

إن الخرائط الرقمية أصبحت تشكل أهمية استراتيجية لما تتميز به من سمات تتفوق بها على نظريتها الورقية، خاصة بعد التطور التكنولوجي والتطور الكبير في مجال البرمجيات الذي جعل منها أداة رئيسية لا يمكن الاستغناء عنها في عصرنا الحالي، خاصة أن بها إمكانيات كثيرة ومتعددة مثل:

- تكبير وتصغير المقياس.
-  تغيير النمط اللوني، والنظام الإحداثي.
- تحليل مختلف الظواهر من خلال برنامج (GIS)، والذى يمكن من خلاله التحليل والخروج بنتائج وخرائط ورسومات وجداول دقيقة.
- تقليل التكاليف وسهولة الوصول لها عبر الانترنت، وتكامل البيانات.

خطوات إنشاء الخريطة الرقمية
وتقول د. هالة أن تحويل البيانات إلى الصيغة الرقمية يتضمن عدة خطوات تبدأ بأخذ الإحداثيات من نظام المواقع الجغرافية GPS، من خلال الاتجاهات والقياسات المساحية، ثم عملية الترقيم لتحويلها إلى صيغة فيكتور (Vector) في برمجيات GIS، ثم وضع الخريطة على جهاز المسح فتتحول إلى صورة شبكية، ثم يتم وضع طبقات الخريطة لاستخلاص شبكات الطرق وترقيمها.

إثبات الحدود وفض النزاعات
ويؤكد الدكتور إبراهيم شاهين؛ خبير الكارتوجرافي والمتخصص في مجال الخرائط والأستاذ بجامعة الكويت سابقاً، أن الوثائق الرقمية والخرائط الرقمية تلعب دوراً كبيراً في إثبات حقوق الأوطان في أراضيهم، وتعد الخرائط الرقمية وثيقة لا يمكن تزويرها لعدة أسباب منها:

1- الإجراءات الدقيقة والتكنولوجيا الفائقة التي يتم استخدمها لعمل الخرائط وتوثيقها.
2- اشتراك العديد من الجهات في تنفيذها مما يؤكد التحقق منها.

متخصصون على الأرض 
وعن خطوات توثيق الخريطة الرقمية يقول د. إبراهيم، يتم تشكيل لجنه من أساتذة متخصصين في علم المساحة، وأساتذة في نظم المعلومات، بالإضافة لفريق من القوات المسلحة مشكل من هيئة المساحة العسكرية، وخبراء من المنطقة ذاتها، كما أن لوزارة الاتصالات دور في توثيق هذه الخرائط الرقمية.

ويبدأ العمل في الحدود على الأرض؛ برسم الحدود السياسية، والمقصود بها تحديد الأربع زوايا، باستخدام علامة للجهات الأربعة، وهو الأمر الذي يحول دون اعتداء أي دولة على أراضي الدول المجاورة، حيث يتم تحديد الخرائط حسب المكان والمقياس والموضوع.

تصديق الأمم المتحدة
ثم يتم مراجعة الخرائط بشكل دقيق ليتم إرسالها إلى الامم المتحدة للتصديق عليها واعتمادها، والتي تشكل بدورها لجنة للمعاينة والمشاهدة والتأكد من صدق الخريطة كوثيقة على أرض الواقع ثم يتم التصديق عليها.

غير قابلة للتزوير 
وأضاف د. إبراهيم، هذا الأمر في منتهى الدقة والحساسية، وقد يستغرق لتحديده أعواماً، فهو معتمد على التاريخ والوثائق المختلفة، وليست مجرد خريطة، كما أن الخرائط الرقمية ليست قابلة للتزوير لأنها تحصل على كود خاص بها من الأمم المتحدة بعد التصديق عليها، وتوضع نسخة منه في الأمم المتحدة.

ويجب ان ننتبه إلى أن التصديق من الأمم المتحدة يأتي بعد موافقة الجانبين، وهو أمر في غاية الأهمية والحساسية، لذا فإن 70% من الدول لم يتم ترسيم حدوها بخرائط رقمية حتى الآن، إلا أن مصر وثقت حدودها الشرقية بخرائط رقمية، وهو أمر مهم للحفاظ على حدونا السياسية.




تواصل معنا